Diskripsi masalah
Pada pemilu 2004 sistem pemilu secara langsung menyisakan sebuah problematika. Pemilihan DPR/DPRD/DPRD tingkat II mengharuskan seorang caleg berjuang mati-matian guna meraih simpati masyarakat. Dan yang terjadi, masing-masing caleg berusaha memberikan barang-barang demi mencapai tujuannya tersebut, ada kaos, uang dll
Pertanyaan
Bagaimana status pemberian caleg tersebut ?
dan bagaimana pula hukum menerimanya ?
Jawaban
Dalam syariat, konsep riswah tidak menggambarkan hukum secara jelas ketika dilaksanakan oleh calon-calon birokrat/ pejabat kepada rakyat yang secara konstitusi mempunyai hak pilih (mirip dengan fungsi arbab al-wilayah). Hanya saja dalam pembahasan berikutnya, syariat mengulas secara tuntas prinsip-prinsip hadiah li arbab al-wilayah (pemberian bagi penguasa) yang sangat mungkin kita aplikasikan dalam persoalan seperti di atas.
Secara esensial, pemberian bagi arbab al-wilayah akan mengakibatkan hukum haram baik dalam pemberian maupun penerimaan ketika disinyalir mengandung unsur tuhmah (opini negatif), meskipun hal ini tidak mungkin lepas dari ghard (motif pemberian) dengan ditopang indikator-indikator lahiriyah (al-qarinah).
Kalau kita berbicara sebatas legalitas memberikannya, syariat memaparkan kejelasan hukumnya lewat dua acuan pokok, standar kelayakan serta motif utama yang mendasari pemberian tersebut. Jikalau seorang calon memenuhi standar kelayakan dalam arti termasuk ashlah (terbaik) atau mempunyai visi dan misi menegakkan amar ma'ruf nahi munkar (tawasul ila al-haq/ memperjuangkan kebenaran), maka tentunya ia diperbolehkan menempuh cara apapun termasuk dengan cara badl al-maal (money politic). Tinggal sekarang kita menengok realita jaman, caleg-caleg dalam pemilu tepatkah kita bawa dalam konteks persyaratan semacam ini.
Hal paling pokok yang perlu kita telusuri adalah mengenai hukum menerima pemberian dengan model- model demikian. Kembali harus kita pahami makna tuhmah (opini negatif) sebagai esensi permasalahan. Implementasi makna tuhmah dalam mayoritas kitab al-mu'tabarah sebenarnya dapat diamati melalui beberapa catatan yang tercantum dalam permasalahan hadiah li arbab al-wilayah. Pertama, disebutkan klasifikasi tentang pemberian dari mereka yang berada dalam daerah kekuasaan serta dari mereka yang berada di luar daerah. Potensi terbentuknya opini negatif (tuhmah) atas pemberian dari mereka yang berada di luar jangkauan kekuasaan tentunya relatif lebih kecil daripada pemberian yang berasal dari warga di wilayahnya.
Kedua, ada juga pemilahan mengenai pemberian dari mereka yang biasa atau lazim memberi dan yang tidak. Opini serta isu di tengah masyarakat tentunya lebih santer ketika orang yang tidak biasa memberi, kemudian memberikan sesuatu apalagi dengan barang berharga, pastinya, ada udang di balik rempeyek.
Ketiga, dibedakan pula tentang pemberian dari mereka yang terlibat perseteruan dan dari mereka yang berstatus netral. Hal ini sangat rasional mengingat secara manusiawi ketika persaingan terjadi dalam merebut simpati, segala hal akan selalu dilakukan meskipun dengan menjual mukanya.
Ibarat
العمال والحكام لابن حجر الهيتمي ص: 54-59
(الثالث) هدية من له خصومة فيحرم إجماعا قبولها مطلقا ولو ممن له عادة بالإهداء له قبل القضاء أو من غير أهل ولايته للخبر السابق" هذايا العمال غلول" والقاضي أولى من العامل فإنه نائب الشرع ولأن زيد ابن ثابت كان يهدي لعمر رضي الله تعالى عنهما كل سنة لبنا ثم استقرض منه من بيت المال فأهدى زيد لعمر فلم يقبل وقال: لعله إنما قدم لنا لما أقرضناه فلم يقبل منه حتى قضى دينه ولانكسار قلب خصمه ولتهمة الميل لما في الهدية من قوة الإمالة وقد قيل إنما سمي مالا لأنه يميل وقد روي أن رجلا أهدى لعمر جزورا ثم جاء يخاصم إليه فجعل يقول ياأمير المؤمنين أفصل بيننا كما بفصل رجل الجزول وعمر لا يفهم فذكر ذلك للناس وقال (مازال يكررها حتى كدت أقضي له)
والحق خصومات الحاجة ولا فرق بين هديته في مدة الخصومة وقبلها إذا استشعر القاضى أنها لأجل خصومة يحدثها بعد.
ولو أهدى له بعد قضاء حاجته ولم تكن جزاء فهي كما لو لم يكن له حاجة. فإن كان يعتاد الإهداء اليه قبل القضاء والترشيخ له حلت له وإلا فلا كما سيأتي. وقبوله e لهدية لا دليل فيه لحلها لقاض ولا عامل لأنه معصوم، ومن ثم قال عمر بن عبد العزيز :"كانت له e هدية وأما الآن فهي رشوة"
قال بعضهم : وهذا يقوى فساد ما مر، ويأتي عن جمع من جواز طلب القاضى للأجرة أي أو الرزق لأن ذلك مناف لمنصب الحكم.
ولو أهدى اليه أحد خوفا من شره حرم القبول قطعا وقال الدرامى : ولو شرط أن يثيبه على هديته جاز قبولها وإن كانت له حكومة. قال الأذرعى وفي هذا الإطلاق نظر إلا أن يكون معاوضة بثمن المثل ودفعه جهارا وإلا فيمنع لقوة التهمة. قال في الخادم وفي نص الشافعي ما يقتضى هذا.
(الرابع) هدية من هو من أهل ولايته وليس له عادة بالإهداء اليه قبل القضاء ولا خصومة فيحرم عند كثيرين قبولها. وإن كان المهدي خليفته كما صرح به القاضي حسين أو كان من ذوى رحمه كما اقتضاه إطلاقهم نعم ينبغي أن يستثني من لا ينفذ حكمه له كأبيه وابنه، إذ لا تهمة حينئذ ثم رأيت الأذرعي وغيره استثنوا ذلك وسأذكره مبسوطا في سابع التنبيهات أو كان القاضي والمهدي خارج ولايته على الأصح، بل قال السبكي على أنه متى ظهر أنه يهدي لأجل الولاية يحرم. وإن كان في غير ولايته ممن ليس من أهل ولايته قال: ويحكي عن أبي حنيفة وأصحابه أنه يكره أخذها ممن لم تجر له عادة وحكي محمد عن أبي حنيفة "لا ينبغي للقاضي أن يقبل هدية فإن ذلك يوقع التهمة ويطمع الناس فيه.
وحكى الخصاف عنه أنه يكره قبولها، وإن قبلها لم تسقط عدالته، وهذا أعنى الكراهة وجه عندنا، قال به جمع متقدمون من أصحابنا. وسيأتي في سابع التنبيهات زيادة لذلك.
تنبيهات:
أحدها قال ابن القاص قال الشافعي في كتاب الصدقات ولو أهدى للساعي رجل من أهل عمله فأخذ هديته وأثابه عليها حلت له فإن لم يثبه عليها فليجعلها في الصدقات لا يحل له عندي غير هذا قل الشافعي في كتاب "القاضي" "ولا يقبل من أحد الخصمين هدية حتى تنقضي خصومتهما" وقياسه أنه لا يجيب واحدا من الخصمين في دعوة خاصة حتى تنقضي خصومنهما وينبغي للقاضي على مذهب الشافعي أنيثيب على الهدية فإن لم يثب عليها ولم يرد صاحبهما الثواب ففيها قولان (أحدهما) ما قال في "أدب القضاء" من جوار قبوله الهدية إذا تعدت الخصومات (والآخر) ما قال في كتاب "الصدقات" في هدايا العمال من أهل عملهم "إن لم يثب عليها فهي حرام إذ ما قاله في الإثابة محله إن أثاب عليها بمساويها كما صرح به الشافعي في محل آخر ثم رأيت الزركشي قال أطلق الإثابة وشرط أن يكون بثمن المثل كما سقناه عن النص من قوله: "أثانه بمثله" وبه صرح أبو علي فإن أثانه بأقل فكما لو لم يثبه لأن المحاباة حاصلة.انتهى.
ويتعين فرض ذلك فيمن له خصومة أما هو فلا يجوز قبول هديته مطلقا وإن أثانه بأكثر كما هو واضح لأن من شأن الهدية التوادد والتحابب فينكسر قلب الخصم وربما جر القاضي ذلك إلى الميل مع المهدي.
وما قل في جعلها إذا لم يثب عليها في مال الصقات قول والصحيح أنه حيث لم يملك الهدية ردها لمالكها وما قاله في انقضاء الخصومةة عن أدب القضاء قول والراجح خلافه وهو أنه لا فرق في جريان التفصيل السافث بين ما قبل الخصومة وبعدها نعم من كانت عادته الإهداة إليه قبل القضاء لا يجوز قمول هدميته إلى بعد ايقضاة خصومته بجيع آثارها ومتى بفي آثر منها يتوهم من القاضي ميل مت معه فيه لا يجوز قتول هديته كما هم واضح.
فهذا هو الذي يفترق الحال فيه بين ما قبل الخصومة وبعدها ولذا يقال فيمن ليس من أهل ولايته يجوز قيول هدينه بعد انقضاء الخصومة وآثارها لا قبل ذلك فهو أيضا مما يفترق الحا فيه بين وجود الخصومة وعدمها.
وأما من هو في أهل عمله ولا عادة له في الإهداء إليه: فيحرو قبول هديته مطلقا فلا يأتي فيه بفصيل بين وجود الخصومة وعدم وجودها فشإن حمل قول" أدب القضاء" على الأولين لم يكن ضعيفا.
ثانيها:
حيث جوزنا قتول الهدية للقاضي أو غيره ممن يأتي ملكها المهدى إليه وحيث حرمناه على القاضي أو غيره ممن يأتي لم يملكها ويلزمه ردها لمالكها فأن أتلفها صارت دينات عليه فيلزمه رد مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت متقومة فإن مات قبل أدائها أديت من تركته فإن لم يعلم مالكها ردت لبيت المال لأنها حينئذ في حكم الضال هذا هو المنقول المعتمد إليه ذهب الأكثرون ووراءه أراء ضعيفة منها ما حكاه الإمام أن من الأصحاب من قال ويملك وإن حرم القول لكونها صدرت من أهلما وإن تفرض النهمة بقبولها فتحرم كالصرة في المغصوب قال الزركشي "ونازع بعهم في إجراء هذا الوجة العيف القائل بالماك على ظاهره وقال: إنه مصادم للإجماع الذي حكاه ابن عبد البر ومحل الخرف أيضا في غير الرشوة والتي وقعت جزاء لحكو سابف كما أفهمة كلام الماوردي.
أم هما فلا يخرجان عن ملك مالكهما قطعا وأقره الأذرعي وغيره لكن ذكر شريح أنه من دفع له شيء ليحكم الحق على سبيل الإجارة ولم يكن له رزق جاز له قبول ومر وسيأتي ما في ذلك: قال الفوراني لو أهدى له أحد المتحاكمين أو كلاهما لم يحل له ولم يملك على الأصح وقال صاحب "التقريب": "يملك".
ومنها ما قاله القفال أن الطريقة المشهورة للأصحاب أن الهدية إذ لم تكن في حال خصومة فهي ملكه فلا يطلق إلا الكراهة وإن كانت في حال الخصومة قطعنا بالتحريم وفي حصول الملك وجهان.
وقال القاضي حسين ولا يقبل الهدية فإن قبلها أثاب أو جهلها في بيت المال فإن لم يفعل احتمل وجهين (أحدهما) يملك ولا يلزمه الرد (الثاني) يملك انتهى
الزواجر الجزء الثانى ص : 316
ومما يدل على أن تحريم الرشوة لا يختص بالقضاة كما صرح به غير واحد خلافا للبدر بن جماعة وغيره ما رواه أحمد عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (هدايا العمال غلول) وما رواه أبو داود في سننه عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شفع لرجل شفاعة فأهدى له عليها هدية فقد أتى بابا كبيرا من أبواب الربا)
المغنى الجزء العاشر ص : 118 (موفق الدين عبد الله بن أحمد (ابن قدامة) الحنبلى) (فى عشرة أجزاء)
(8267) مسألة قال (ولا يقبل هدية من لم يكن يهدي إليه قبل ولايته) وذلك لأن الهدية يقصد بها في الغالب استمالة قلبه ليعتني به في الحكم فتشبه الرشوة قال مسروق إذا قبل القاضي الهدية أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر وقد روى أبو حميد الساعدي قال بعث رسول الله e رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فقال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقام النبي e فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي ألا جلس في بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده لا نبعث أحدا منكم فيأخذ شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر فرفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه فقال اللهم هل بلغت ثلاثا ؟ متفق عليه ولأن حدوث الهدية عند حدوث الولاية يدل على أنها من أجلها ليتوسل بها إلى ميل الحاكم معه على خصمه فلم يجز قبولها منه كالرشوة فأما إن كان يهدي إليه قبل ولايته جاز قبولها منه بعد الولاية لأنها لم تكن من أجل الولاية لوجود سببها قبل الولاية بدليل وجودها قبلها قال القاضي ويستحب له التنزه عنها وإن أحس أنه يقدمها بين يدي خصومه أو فعلها حال الحكومة حرم أخذها في هذه الحال لأنها كالرشوة وهذا كله مذهب الشافعي وروي عن أبي حنيفة وأصحابه أن قبول الهدية مكروه غير محرم وفيما ذكرناه دلالة على التحريم.
فتاوي السبكي الجزء الأول ص: 203-207
(مسألة) للشيخ الإمام قدس الله روحه مصنف في هدايا العمال سماه فصل المقال كبير لخصه في مصنف آخر صغير وهو هذا . قال الشيخ الإمام رحمه الله الحمد لله على نعمه الكافية ومننه الوافية وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدخرها جنة من النار واقية وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث إلى كل أمة قاصية ودانية صلى الله عليه وسلم صلاة على ممر الأيام باقية وبعد فهذا مختصر من كتابي فصل المقال في هدايا العمال مرتب على فصلين (الفصل الأول في الأحاديث) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) وقال الترمذي حديث صحيح وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعنة الله على الراشي والمرتشي) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم في المستدرك وقال صحيح وعن أبي هريرة قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم) رواه الترمذي والإمام أحمد في المسند وعن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الراشي والمرتشي في النار) رواه البزار في مسنده وعن أبي حميد الساعدي قال (استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له ابن اللتبية على صدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي قال فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فلينظر أيهدى له أم لا والذي نفسي بيده لا يؤتى بشيء إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تثغو ثم رفع يديه ثم رأينا عفرة إبطيه ألا هل بلغت) رواه ح م وعن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) إسناده صحيح وهو في سنن أبي داود وعن أبي حميدة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (هدايا العمال غلول) رواه الإمام أحمد والبزار في مسنديهما وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما عدل وال تجر في رعيته) رواه النقاش وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قدم من اليمن فرأى عمر عنده غلمانا قال ما هؤلاء ؟ قال أصبتهم في وجهي هذا قال عمر من أي وجه ؟ قال أهدوا إلي وأكرمت بهم فقال عمر أذكرتهم لأبي بكر ؟ فقال معاذ ما ذكري لأبي بكر ونام معاذ فرأى كأنه على شفير النار وعمر آخذ بحجزته من ورائه أن يقع في النار ففزع معاذ فذكره لأبي بكر رضي الله عنه فسوغه أبو بكر فقال عمر هذا حين حل وطاب (الفصل الثاني في كلام العلماء) قال عمر بن عبد العزيز كانت الهدية في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة وقال مسروق إذا قبل القاضي الهدية أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر وقال كعب الرشوة تسفه الحليم وتعمي عين الحكيم وقال ابن عبد البر في الاستذكار (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويأكلها ويثيب عليها) إلا أن ذلك لا يجوز لغير النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان منه قبولها على جهة الاستبداد بها دون رعيته لأنه إنما أهدي ذلك من أجل أنه أمير رعيته وليس النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كغيره لأنه مخصوص بما أفاء الله عليه من غير قتال من أموال الكفر يكون له دون سائر الناس ومن بعده من الأئمة حكمه في ذلك خلاف حكمه لا يكون له خاصة دون سائر الناس ومن بعده من الأئمة المسلمين بإجماع من العلماء لأنها فيء ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (هدايا الأمراء غلول) انتهى الإجماع الذي نقله ابن عبد البر يرد على من يقول من المتأخرين بأنه يختص بها كما سنحكيه وملخص كلام العلماء فيما يعطي الحكام الأئمة والأمراء والقضاة والولاة وسائر من ولي أمرا من أمور المسلمين أنه إما رشوة وإما هدية أما الرشوة فحرام بالإجماع على من يأخذها وعلى من يعطيها وسواء كان الأخذ لنفسه أو وكيلا وكذا المعطي سواء أكان عن نفسه أو وكيلا ويجب ردها على صاحبها ولا تجعل في بيت المال إلا إذا جهل مالكها فتكون كالمال الضائع وفي احتمال لبعض متأخري الفقهاء أنها تجعل في بيت المال والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا ويفصل في الدافع على ما بينا وقد شذ بعض الفقهاء فقال : يجوز الأخذ على الحكم بشروط أن لا يكون له رزق من بيت المال ولا يكون في بيت المال ما يمكن أن يرزقه وأن يأذن الإمام له في الأخذ وأن يكون الحكم يقطعه عن كسبه وأن يعلم به الخصمان قبل التحاكم وأن يكون عليهما معا وأن لا يوجد متطوع ويعجز الإمام عن الدفع إليه ويكون ما يأخذ غير مضر بالخصوم ولا زائد على قدر حاجته ويكون مشهورا بين الناس يتساوى فيه الخصوم من غير تفاضل فإن فقد واحد من هذه الشروط لم يجز ثم الجواز إذا اجتمعت قول شاذ لا معول عليه والذي فرضه إنما قاله عند الضرورة كالمخمصة وفيه معرة على المسلمين وأما الهدية وهي التي يقصد بها التودد واستمالة القلوب فإن كانت ممن لم تقدم له عادة قبل الولاية فحرام وإن كانت ممن له عادة قبل الولاية فإن زاد فكما لو لم تكن له عادة وإن لم يزد فإن كانت له خصومة لم يجز وإن لم تكن له خصومة جاز بقدر ما كانت عادته قبل الولاية والأفضل أن لا يقبل ; والتشديد على القاضي في قبول الهدية أكثر من التشديد على غيره من ولاة الأمور لأنه نائب عن الشرع فيحق له أن يسير بسيرته وقال ابن يونس المالكي لا يقبل القاضي هدية من أحد لا من قريب ولا من صديق وإن كافأه بأضعافها إلا من الوالد والولد وخاصة القرابة التي تجمع من حرمة الحاجة ما هو أكثر من حرمة الهدية قال سحنون مثل الخالة والعمة وبنت الأخ قال ابن حبيب لم يختلف العلماء في كراهية الهدية إلى السلطان الأكبر وإلى القضاة والعمال وجباة الأموال وهو قول مالك ومن قبله من أهل السنة (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية) وهذا من خواصه وحكى ابن أبي زيد هذا الكلام عن ابن حبيب أيضا قال وقد رد علي خروفا أهدي إليه وقال ربيعة الهدية ذريعة الرشوة وعلمة الظلمة وقال أيضا والنبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره لأنه إنما يهدى إليه قربة لله تعالى وما أهدي إلى الوالي لم يقصد به إلا السلطان وفي كلام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمه الله على ما ذكره السرخسي في السير الكبير أن ملك العدو إذا بعث إلى أمير الجند هدية فلا بأس أن يقبلها ويصير فيئا للمسلمين لأنه ما أهدي إليه لعينه بل لمنعته ومنعته بالمسلمين فكان هذا بمنزلة المال المصاب بقوة المسلمين وهذا بخلاف ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدية فإن قوته ومنعته لم تكن بالمسلمين على ما قال الله تعالى (والله يعصمك من الناس) فلهذا كانت الهدية له خاصة وسنة أيضا بخلاف الهدية إلى الحكام فإن ذلك رشوة لأن المعنى الذي حمل المهدي على التقرب إليه ولايته الثابتة بتقليد الإمام إياه والإمام في ذلك نائب من المسلمين والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (هدايا الأمراء غلول) يعني إذا حبسوا ذلك لأنفسهم وقالت الحنابلة لا يقبل القاضي هدية من لم يكن يهدي إليه قبل ولايته وقال أحمد إذا أهدى البطريق إلى صاحب الجيش عينا أو فضة لم تكن له دون سائر الجيش قال أبو بكر يكون فيه سواء فهذه نقول المذاهب الأربعة كلام الشافعية رحمهم الله لخصناه أولا وكلام الثلاثة ذكرناه بعده ومن كلام الشافعي رحمه الله أنه إن كان على دفع باطل أو إيصال إلى حق فهو رشوة محرمة وإن كان لغير سبب يعرف أكثر من ولايته عليهم فإن أثابه بمثله كان له قبوله وإن لم يثبه لم يحل له عندي إلا وضعه في الصدقات لأن ذلك إنما وصل إليه بسبب العمالة ذكر ذلك في عامل الصدقة وللشافعي رضي الله عنه قول ثان قبولها غير محرم فهم منه بعض أصحابنا أنه قول بأنه يجوز أن يملكها والاختصاص بها وهذا بخلاف ما حكاه ابن عبد البر من الإجماع فلعل مراد الشافعي رحمه الله جواز القبول إذا لم يختص بها بل وضعها في بيت المال والحاصل أن الهدية لا يملكها الحاكم باتفاق أكثر العلماء أو كلهم وأما تحريم أخذها فحيث أوجبت ريبة حرم عليه قبولها والتحريم في القاضي آكد من بقية ولاة الأمور لأن عليه من الصيانة أكثر من غيره لأنه نائب عن الشرع فلينظر القاضي المسكين المشفق على دينه إلى سيرته وإلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده في أحكامهم وأفعالهم فإن وجد سيرته قريبة من ذلك فأحرى أن ينجو أو ليسأل الله في تقصيره وإن وجد سيرته مخالفة لسيرتهم فليعلم أنه كما عدل عن طريقهم في الدنيا كذلك يعدل عنها في الآخرة وليقنع بأن يكون في عداد المسلمين نسأل الله العافية ولا نتعرض إلى هذا الخطر العظيم ونتحمل أعباء هذا المنصب الشريف ولهذا كان العلماء من السلف يمتنعون من الدخول فيه لما يعلمون من خطره ولا شك أن من دخل فيه بحق وعدل فيه كان كالمجاهد في سبيل الله له درجة المجاهدين بل ربما يكون أفضل من بعضهم وكل قضية يحكم فيها بالحق فيدفع ظالما ويصل حقا هي جهاد ولا شك أنها أعظم من نوافل العبادات وأفضل من كثير من فروض الكفايات ولكن هيهات العدل من صاحبها إلا من عصم الله فالأولى للمحتاط لدينه الانكفاف عنها وليعلم أنها ليست جهة مكسب بل جهة عبادة وفيها خطر إن زل هوى في جهنم فالسلامة في تركها ونسأل الله من فضله وأحسن أحوال الفقيه عندي أن يشتغل بالعلم لله تعالى ولا يأخذ عليه شيئا ولا منصبا ويجعل كسبه من غيره من جهات الحل إن قدر على ذلك وإذا ابتلي بالقضاء فلا يحل له أن يأخذ شيئا إلا أن يرزقه الإمام أو يفعل ما يستحق به أجرة مثل أن يكتب مكتوبا فيستحق أجرة مثله فيه إذا لم تكن كتابة ذلك واجبة عليه وما أشبه ذلك ولا يجوز له أن يأخذ على حكم بحق ولا بباطل ولا على تولية نيابة قضاء أو مباشرة وقف أو مال يتيم لا يأخذ من أحد شيئا على ذلك لأن الله تعالى قد نصبه لذلك نائبا عنه وحكم الله وعدله يجب أن يكون مبذولا لكل أحد بغير عوض , وهكذا يجب أن يكون حاجب القاضي ونائبه وكل من ندبه لأمور المسلمين لأنهم أمناء الله في أرضه ونوابه في إيصال عدله إلى الناس وتأدية الأمانة إلى أهلها ومن وقع في كلامه من الفقهاء أن القاضي يجوز له أخذ شيء فذلك شاذ مردود خطأ من قائله متأول ومحله في صورة نادرة وهي حالة الضرورة والمخمصة مشروطا بشروط نبهنا عليه فيما سبق ومن فعل خلاف ذلك فقد غير فريضة الله وباع عدل الله الذي بذله لعباده بغير عوض فأخذ عليه ثمنا قليلا ولهذا نجد بعض الفجرة الذين يقعون في شيء من هذا ويكتمونه ويأخذونه خفية وهذا علامة الحرام فإن الحلال يأخذه صاحبه جهارا لا يستحيي من أخذه نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ ويسلك بنا طريق الهدى بمنه وكرمه انتهى .
البحر الرائق الجزء السادس ص: 305
(قوله ويرد هدية إلا من قريب أو ممن جرت عادته به) أي لا يقبل القاضي هدية لما رواه البخاري عن أبي حميد الساعدي قال (استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة واسمه عبد الله فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال عليه الصلاة والسلام هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا) قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كانت الهدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة فتعليله دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية ويجب ردها على صاحبها فإن تعذر ردها على مالكها وضعها في بيت المال كاللقطة كما في فتح القدير فإن كان المهدي يتأذى بالرد يقبلها ويعطيه مثل قيمتها كذا في الخلاصة وفي المضمرات إذا دخلت الهدية له من الباب خرجت الأمانة من الكوة وقدمنا عن الأقطع الفرق بين الهدية والرشوة أن الرشوة ما كان معها شرط الإعانة بخلاف الهدية وفي خزانة المفتين مال يعطيه ولا يكون معها شرط والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه وذكر الهدية في الكتاب ليس احترازيا إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية , وإنما يقبل هدية القريب لما فيها من صلة الرحم وردها قطيعة وهي حرام وأطلقه وهو مقيد بالمحرم فخرج ابن العم مثلا ومقيد بأن لا تكون له خصومة , وإنما يقبل ممن له عادة للعلم بأنها ليست للقضاء وله شرطان أن لا يكون له خصومة وأن لا يزيد على العادة فيرد الكل في الأول , وما زاد عليها في الثاني وقيده فخر الإسلام بأن لا يكون مال المهدي قد زاد فبقدر ما زاد ماله لا بأس بقبوله , وظاهر العطف في كلام المصنف يقتضي أنه يقبل من القريب وإن لم تكن له عادة بالإهداء وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه كالأجنبي لا بد أن يكون له عادة وإلا فلا يقبلها منه إلا أن يكون لفقره ثم أيسر ; لأن الظاهر أن المانع ما كان إلا الفقر على وزان ما قاله فخر الإسلام في الزيادة والحاصل أن من له خصومة لا يقبلها مطلقا ومن لا خصومة له فإن كان له عادة قبل القضاء قبل المعتاد وإلا فلا وفي تهذيب القلانسي ولا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم أو من وال تولى الأمر منه أو وال مقدم الولاية على القضاء ا هـ . فعلى هذا له أن يقبلها من السلطان ومن حاكم بلده المسمى الآن بالباشاه واقتصر في التتارخانية على من ولاه وفي فتح القدير وكل من عمل للمسلمين عملا حكمه في الهدية حكم القاضي ا هـ
أحكام القرآن للجصاص الجزء الثاني ص: 608
أما الهدايا للأمراء والقضاة فإن محمد بن الحسن كرهها وإن لم يكن للمهدي خصم ولا حكومة عند الحاكم ذهب في ذلك إلى حديث أبي حميد الساعدي (في قصة ابن اللتبية حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فلما جاء قال هذا لكم وهذا أهدي لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام نستعملهم على ما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي فهلا جلس في بيت أبيه فنظر أيهدى له أم لا) وما روي عنه عليه السلام أنه قال (هدايا الأمراء غلول وهدايا الأمراء سحت) وكره عمر بن عبد العزيز قبول الهدية فقيل له (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها) فقال كانت حينئذ هدية وهي اليوم سحت ولم يكره محمد للقاضي قبول الهدية ممن كان يهاديه قبل القضاء فكأنه إنما كره منها ما أهدي له لأجل أنه قاض ولولا ذلك لم يهد له وقد دل على هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (هلا جلس في بيت أبيه وأمه فنظر أيهدى له أم لا) فأخبر أنه إنما أهدي له لأنه عامل ولولا أنه عامل لم يهد له وأنه لا يحل له وأما من كان يهاديه قبل القضاء وقد علم أنه لم يهده إليه لأجل القضاء فجائز له قبوله على حسب ما كان يقبله قبل ذلك وقد روي أن بنت ملك الروم أهدت لأم كلثوم بنت علي امرأة عمر فردها عمر ومنع قبولها .
أسنى المطالب الجزء الرابع ص : 300 - 301
(فصل) (قوله تحرم الرشوة) قال الغزالي في الإحياء المال إن بذل لغرض آجل فصدقة أو عاجل وهو مال فهبة بشرط الثواب أو على محرم أو واجب متعين فرشوة أو مباح فإجارة أو جعالة أو تودد مجرد أو توسل بجاهه إلى أغراضه فهدية إن كان جاهه بالعلم أو النسب وإن كان بالقضاء أو العمل فرشوة
أسنى المطالب الجزء الرابع ص : 300 - 301
والضيافة والهبة كالهدية وظاهر أن الصدقة كذلك لكن قال السبكي: في الحلبيات للقاضي قبولها ممن ليست له عادة
تصحيحه (قوله لكن قال السبكي: في الحلبيات إلخ) وقال في تفسيره إن لم يكن المتصدق عارفا بأنه القاضي ولا القاضي عارفا بعينه فلا شك في الجواز وإلا فيحتمل أن تكون كالهدية ويحتمل الفرق بأن المتصدق إنما يبغي ثواب الآخرة قاله في التوشيح وهذا التفصيل حق قلت ينبغي أن يجوز له أخذ الزكاة قطعا وحكى عن ابن عقيل الحنبلي أنه حكى في الفنون أن قبول الصدقة جائز مع الفقر ويكره أن يأخذ ممن له حكومة قال ويحتمل أن لا يكره لأنه أخذ بجهة هو من أهلها انتهى وكلام ابن عقيل يحتمل أن يكون في الواجبة ويحتمل أن يكون فيها وفي التطوع فسن (قوله للقاضي قبولا) لأن الصدقة يقصد بها وجه الله والمتصدق في الحقيقة دافع لله مقرض له والفقير يأخذ من الله لا من المتصدق
معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين فى الأحكام ص : 15 – 17 (علاء الدين على بن خليل الطرابلسى الحنفى) (فى جزء واحد)
قلت: والأصوب في زماننا عدم القبول مطلقا لأن الهدية تورث إدلال المهدي وإغضاء المهدى إليه وفي ذلك ضرر القاضي ودخول الفساد عليه وقيل إن الهدية تطفئ نور الحكمة قال ربيعة "إياك والهدية فإنها ذريعة الرشوة" وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقبل الهدية وهذا من خواصه والنبي عليه الصلاة والسلام معصوم مما يتقى على غيره منها ولما رد عمر بن عبد العزيز الهدية قيل له كان رسول الله يقبلها فقال كانت له هدية ولنا رشوة لأنه كان يتقرب إليه لنبوته لا لولايته ونحن يتقرب إلينا للولاية وقال عليه الصلاة والسلام يأتي على الناس زمان يستحل فيه السحت بالهدية والقتل بالموعظة يقتل البريء ليتعظ به العامة
مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج الجزء الثالث ص : 574
ولو خلص شخص آخر من يد ظالم ثم أنفذ إليه شيئا هل يكون رشوة أو هدية قال القفال في فتاويه ينظر إن كان أهدى إليه مخافة أنه ربما لو لم يبره بشيء لنقض جميع ما فعله كان رشوة وإن كان يأمن خيانته بأن لا ينقض ذلك بحال كان هبة
الفتاوى الكبرى الجزء الرابع ص : 311
(وسئل) رحمه الله تعالى هل للمحكم أن يزوج المحكمة له وإن بعد مكانها فوق مرحلتين وهل المحكم كالقاضي في تحريم الرشوة وغيرها ؟ (فأجاب) نفعنا الله تعالى به بقوله المحكم كالقاضي إلا في مسائل معروفة فلا بد في المحكمة له أن تكون حاضرة ويحرم عليه ما يحرم على القاضي من الرشوة وغيرها والله سبحانه وتعالى أعلم
المبسوط الجزء الخامس ص : 221 – 222 (محمد بن أحمد بن أبى سهل السرخسى الحنفى)
(قال) وإذا جعلت المرأة لزوجها جعلا على أن يزيدها في القسم يوما ففعل لم يجز وترجع في ماله لأنها رشته على أن يجور والرشوة حرام وهذا بمنزلة الرشوة في الحكم وهو من السحت
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 12 ص: 114
وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه عند جمهور العلماء فإن قبلها كانت فيئا للمسلمين فإنه لم يهدها إليه إلا لكونه إمامهم وإن كانت من قوم هو محاصرهم فهي غنيمة قال القاضي وهذا قول الأوزاعي ومحمد بن الحسن وابن القاسم وابن حبيب وحكاه ابن حبيب عمن لقيه من أهل العلم وقال آخرون هي للإمام خالصة به قال أبو يوسف وأشهب وسحنون وقال الطبري إنما رد النبي صلى الله عليه وسلم من هدايا المشركين ما علم أنه أهدى له في خاصة نفسه وقيل ما كان خلاف ذلك مما فيه استئلاف المسلمين قال ولا يصح قول من ادعى النسخ قال وحكم الأئمة بعد إجراؤها مجرى مال الكفار من الفيء أو الغنيمة بحسب اختلاف الحال وهذا معنى هدايا العمال غلول أي إذا خصوا بها أنفسهم لأنها لجماعة المسلمين بحكم الفيء والغنيمة.
نيل الأوطار ج: 9 ص: 173
وقد بوب البخاري في أبواب القضاء باب هدايا العمال وذكر حديث ابن اللتيبة المشهور والظاهر أن الهدايا التي تهدى للقضاة ونحوهم هي نوع من الرشوة لأن المهدي إذا لم يكن معتادا للإهداء إلى القاضي قبل ولايته لا يهدي إليه إلا لغرض وهو إما التقوي به على باطله أو التوصل لهديته له إلى حقه والكل حرام كما تقدم وأقل الأحوال أن يكون طالبا لقربه من الحاكم وتعظيمه ونفوذ كلامه ولا غرض له بذلك إلا الاستطالة على خصومه أو الأمن من مطالبتهم له فيحتشمه من له حق عليه ويخافه من لا يخافه قبل ذلك وهذه الأغراض كلها تؤول إلى ما آلت إليه الرشوة فليحذر الحاكم المتحفظ لدينه المستعد للوقوف بين يدي ربه من قبول هدايا من أهدى إليه بعد توليه للقضاء فإن للإحسان تأثيرا في طبع الإنسان والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها فربما مالت نفسه إلى المهدي إليه ميلا يؤثر الميل عن الحق عند عروض المخاصمة بين المهدي وبين غيره والقاضي لا يشعر بذلك ويظن أنه لم يخرج عن الصواب بسبب ما قد زرعه الإحسان في قلبه والرشوة لا تفعل زيادة على هذا ومن هذه الحيثية امتنعت عن قبول الهدايا بعد دخولي في القضاء ممن كان يهدي إلي قبل الدخول فيه بل من الأقارب فضلا عن سائر الناس فكان في ذلك من المنافع ما لا يتسع المقام لبسطه أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه